إنتاج منتجات الألبان الخالية من المواد الحافظة
إكرام مخلف / البصرة
أم حيدر امرأة ريفية تسكن في قرية (الشافي – بيت وافي) تقع في قضاء القرنه شمال البصره لديها محل خاص لإنتاج مشتقات الحليب والألبان الخالية من المواد الحافظة وتحاول من خلال ذلك توفير الدخل ومواجهة آثار تغير المناخ في منطقتها.
انطلقت فكرة أم حيدر بإنتاج مشتقات الحليب الطبيعية دون إستخدام مواد حافظة بعد ان أطلعت على البرامج التعليمية والتقارير المتنوعة عن مشاكل المواد الحافظة التي تستخدم في حفظ منتجات المواد الغذائية ومعرفة مدى خطورتها على الأنسان وما تسبب له من امراض.
فهناك دراسات وبحوث علمية أكدت أن المواد الحافظة للأطعمة بصورة عامة تأثر على صحة الإنسان وأنها تهدد حياته بالموت كما أكدت بعض الدراسات في عام 2014 التي تم اجراؤها من قبل (أكاديمية ساهلجرينسكا , Sahlgrenska Academy) بأن المواد المضادة للأكسدة تؤدي الى تطوير سرطان الرئة في الفئران. وتم تأكيد نفس النتائج لاحقاً على الانسان.
يعمل مع ام حيدر ما يقارب 25 عامل بينهم رجال ونساء. يدير العمل ابن ام حيدر، (عماد كاظم جاسم)، حيث أخبرنا إنهم ينتجون مشتقات الحليب من قيمر ولبن والجبن بانواعه.
قرية (الشافي -بيت وافي) التي تقع في ناحية الدير في منطقة ريفية في قلب الأهوار تتعرض الى التغييرات المناخية المستمرة، ناحية الدير تبعد عن مركز محافظة البصرة ما يقارب 60 كيلو متر في شمال البصرة.
حيث يبلغ سعر اناء اللبن الرائب والذي وزنه حوالي 600 غم يصل الى 6000 الاف دينار عراقي وسعر كيلو الجبن 6000 الاف دينار وسعر كيلو القيمر 8000 الاف دينار.
ويذكر عماد ان الاسعار قد ارتفعت عن السابق بسبب غلاء الحليب الذي يشترونه من منطقة الجبايش في محافظة الناصريه.
ورثت ام حيدر (كاضي داخل عبود) من مواليد 1962 هذه المهنة من اجدادها وهي تعمل بهذا المجال منذ اعوام وتخبرنا ام حيدر انها تعلمت القراءة والكتابة رغم انها كبرت بالعمر إلا إنها ترى إن التعليم ومواكبة التطور أصبح ضروري للمرأة الريفية وتضيف أيضا أنها تعلمت العمليات الحسابية كونها تحتاجها في عملها كما إنها تتابع التلفاز وتقرا المجلات والصحف لتتعلم أكثر وذكرت إنها تعلمت جميع ما ذكرته دون الحصول على شهادة
تقول ام حيدر، “إن لديها زبائن من مختلف مناطق المحافظة كما تعدى ذلك وصول منتجاتها إلى الدول المجاورة مثل الكويت ولبنان وسوريا.”
كما ذكر بعض المواطنين الذي يقطعون مسافات طويله للحصول على منتجات ام حيدر التي يصفونها بأنها ذات مذاق مميز وجودتها الممتازة.
المواد الحافظة هي المواد التي يتم إضافتها إلى الأطعمة للحفاظ عليها من التعرض للتلف ولبقائها طازجة لأطول فترة ممكنة، وقد تشكل هذه المواد خطورة على صحة الإنسان حيث أنها تحتوي على مواد كيميائية ضارة تعرضه إلى الإصابة بالأمراض ومن ضمنها القلب والسكري وامراض السرطان.
وفي دراسة أخرى اجريت على 36.000 رجل في منتصف العمر وبصحة جيدة، وجد فيها الباحثون أن تناول مكملات فيتامين E ولعدة سنوات كان مرتبط بزيادة خطر اصابة الرجال بسرطان البروستاتا بنسبة 17%.
وتخبرنا (أم حيدر) عن المركز القروي النموذجي لتصنيع وتسويق حليب الجاموس المجموعة النسائية في الدير البصرة. الذي استطاعت من خلاله أن تطور من عملها بمساعدة الإتحاد الأوربي ومنظمة الفاو بتحسين وتطوير قدرة نظم الاغذية الزراعية في جنوب العراق وبناء معمل بسيط لتصنيع منتجات ومشتقات حليب الجاموس
وتقول ام حيدر إن الهدف من هذا المشروع هو تحسين وتطوير قدرة نظم الاغذية الزراعية في جنوب العراق وبناء معمل بسيط لتصنيع منتجات ومشتقات حليب الجاموس الخالية من المواد الحافظة والتي تسبب الكثير من الامراض لمستهلكيها.
وتذكر أم حيدر بعض العقبات التي تعاني منها اليوم من شحة كبيرة في غزارة الحليب المستخدم في هذه المنتجات نتيجة انخفاض عدد الجواميس التي تعتمد عليها بسبب قلة العلف وغلاء اسعار الأعلاف التي تشتريها من الأسواق المحلية.
هذا ليس التحدي الوحيد، ولكن انحسار المياه الشديد في الاهوار يعتبر تحدي آخر تعاني منه أم حيدر حيث قل إنتاج منتجات الألبان من طن الى نصف طن خلال الشهر الواحد مما اضطرها الى شراء الحليب من مناطق محافظ ذي قار (الجبايش) وهذا ما يزيد من نسبة تلف الحليب نتيجة نقلة في اجواء حارة جداً بسبب الارتفاع الملحوظ في درجات الحرارة جنوب العراق في فصل الصيف, وبالتالي فهي تتكبد خسائر مادية كبيرة.
حيث بلغ سعر لتر الحليب 45الف دينار عراقي بعد ان كان سعره 25 الف دينار عراقي وهذا سبب اخر تعاني منه ام حيدر في تسويق منتجاتها.
وتبقى مشكلة البيئة من أخطر المشاكل التي تعاني منها الحكومات العراقية نتيجة قلة الخبرات والمعالجات التي لابد من انتهاجها للحد من قضية إستخدام المواد الحافظة والمنتوجات الغذائيه التي تحتوي على المواد الحافظة التي يستخدمها المواطنين في انحاء البلاد.
أقر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بالآثار السلبية لتغير المناخ على استقرار العراق وكلف بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) بتقديم المشورة والدعم والمساعدة لحكومة وشعب العراق، بما في ذلك التحديات التي يفرضها تغير المناخ. تغير المناخ.
يمكن أن تكون إحدى مهام الحكومة انتهاج سياسة السيطرة النوعية لفحص الاغذية وضمان الجودة للمنتجات التي تغطي حاجة المواطنين لسد الاحتياج المحلي ومعالجة التربة من الملوثات التي تركتها الحروب الأخيرة والتي تسببت في هجران آلاف الهكترات الزراعية من شاغليها والتي بدورها يمكن استغلال هذه الأراضي للزراعة لتوفير المواد الغذائية مباشرة من المنتج الى المستهلك دون اللجوء الى المنتوجات المصنعة والحاوية على المواد الحافظة.
تم انتاج هذا التقرير ضمن إطار مشروع أصواتنا المنفذ من قبل منظمة انترنيوز