تقارير ومطولات

جائحة كورونا تجبر الحكومة العراقية على تعطيل الدوام واللجوء الى التعليم الإلكتروني

منار الزبيدي

“تعليم فاشل”، و”نجاح بلا مقابل”؛ هكذا بدأ الطالب زيد قاسم (21 عاما) حديثه للجزيرة نت عندما سألناه عن رأيه في التعليم الإلكتروني المتبع مؤخرا في المؤسسات التعليمية بعد انتشار فيروس كورونا في بغداد وأغلب المحافظات العراقية.

ويدرس زيد الهندسة في إحدى الجامعات العراقية، لكنه يرفض التعليم الإلكتروني، ويعتبره “حيلة حكومية” لاجتياز المرحلة الدراسية، ويقول “لا يمكن الاستفادة من المواد العلمية عبر الإنترنت، لأنني لم أتقبل فكرة الحاسوب بدل الأستاذ، وأغلب الأساتذة يكتفون بنشر المحاضرات، ثم يختفون، وتدور في ذهني العديد من الأسئلة التي لا أجد لها إجابة، ولا أفشي سرا إذا قلت إنني كل يوم أفقد الأمل في مستقبلي الدراسي”.

اجتياز بلا فائدة
يتفق علي الأحمد (19 عاما) مع زيد في عدم تقبل التعليم الإلكتروني، ويرى أن غياب التواصل المباشر بين الأستاذ والطالب يؤثر كثيرا على استيعاب المادة العلمية؛ إذ يغيب التواصل البصري والوجداني والمناقشات التوضيحية داخل القاعة الدراسية في التعليم الإلكتروني؛ “فهو يقتل المنافسة وروح الحماسة داخلنا”.

ويشير علي -وهو طالب في المرحلة الأولى بكلية الصيدلة- إلى أن أغلب زملائه لم يتقبلوا التعليم عبر الإنترنت لصعوبة فهم المحاضرات، كما أن بعض المواد الدراسية تحتاج إلى مختبرات وإيضاحات معمقة، ويعتقد أن هذا النوع من التعليم يسلب المواد الدراسية قيمتها العلمية، وأن التعليم الإلكتروني قد ينجح مع الدراسات الإنسانية، لكنه لا يناسب الاختصاصات العلمية والطبية.

وينتقد الأحمد هذا النوع من التعليم قائلا إن أوقات النشر غير منظمة، ولم تحدد بوقت، كما أنه يفسح المجال للغش، ولا ينمي قدرات الطلاب في البحث والتقصي عن المعلومة، “التعلم عن بعد يسلبنا الذهنية العلمية”، كما لا يمكن للطلاب الالتزام بوقت محدد لسماع المحاضرة.
اعلان

السلامة أولا
بالنسبة لبعض أولياء الأمور فإن التعليم الإلكتروني “نعمة”، لأنهم يعتقدون أن سلامة أولادهم من المخاطر والأمراض ضرورة قصوى لا تعادلها أكبر الشهادات العلمية. وتبين دعاء قاسم أنه “حتى لو لم تتوقف المدارس والجامعات عن الدوام كنت سأمنع أولادي من الذهاب”.

وتتابع أن “أولياء الأمور الحريصين على أولادهم ومستقبلهم العلمي سيحافظون على سلامة أولادهم ومستواهم العلمي، وهذا الحل أفضل من تأجيل العام الدراسي؛ كونه يشكل عبئا كبيرا على الأسر ذات الدخل المحدود”، و”يجب أن نفكر في غيرنا كما نفكر في أنفسنا”.

لا سيطرة
يقول عبد الأمير عباس (ولي أمر اثنين من طلبة المرحلة الثانوية) إنه حاول قدر الإمكان السيطرة على أولاده، ودفعهم للتعلم عبر منصة الدروس الإلكترونية، ولكن ذلك كان من دون جدوى، ويتابع “لم يتمكن أحدهما من التركيز والمتابعة، في حين تضرر بصر الآخر، الذي يعاني أساسا من مشاكل في إحدى عينيه”.

ويعتقد عباس أن التعليم الإلكتروني وسيلة لاجتياز العام الحالي، ويعتبره إسقاط فرض لا أكثر، كما أن أغلب الطلاب يفتقرون إلى المعلومات التقنية، ولا يمكنهم التركيز على جهاز الحاسوب أو الموبايل، ناهيك عن ضعف شبكة الإنترنت التي تحتاج إلى اشتراك مالي بقيمة كبيرة، بالإضافة إلى الانقطاع غير المنتظم للتيار الكهربائي.

وهذا ما أشار إليه مدرس الكيمياء أيوب حسن قائلا إن الإنترنت ضعيف في العراق عموما؛ وقد يحتاج المدرس إلى تسجيل المحاضرة (فيديو) أولاً، ثم رفعها على موقع يوتيوب.

ويتابع “في حال تقديم الدرس عبر البث المباشر على فيسبوك؛ فهو يحتاج إلى إنترنت فعال مع تحديد وقت يناسب جميع طلبته البالغ عددهم بين ثلاثين وأربعين طالبا، وهو أمر صعب جدا، بل مستحيل.

خطوة فاشلة
يرى حسن أن التعليم الإلكتروني في العراق “خطوة فاشلة”؛ كونه لا يعتمد على مقومات تحقق الفائدة العلمية للطلاب، ولا يساعد المدرسين في تحديد مستوى فهم الطلاب والمعوقات التي تواجههم، بسبب غياب التواصل المباشر داخل الصف، وعدم استخدام العصف الذهني وطرائق التدريس الأخرى، ويتابع “يمكن للتعليم الإلكتروني أن ينجح
منار الزبيدي-بغداد

“تعليم فاشل”، و”نجاح بلا مقابل”؛ هكذا بدأ الطالب زيد قاسم (21 عاما) حديثه للجزيرة نت عندما سألناه عن رأيه في التعليم الإلكتروني المتبع مؤخرا في المؤسسات التعليمية بعد انتشار فيروس كورونا في بغداد وأغلب المحافظات العراقية.

ويدرس زيد الهندسة في إحدى الجامعات العراقية، لكنه يرفض التعليم الإلكتروني، ويعتبره “حيلة حكومية” لاجتياز المرحلة الدراسية، ويقول “لا يمكن الاستفادة من المواد العلمية عبر الإنترنت، لأنني لم أتقبل فكرة الحاسوب بدل الأستاذ، وأغلب الأساتذة يكتفون بنشر المحاضرات، ثم يختفون، وتدور في ذهني العديد من الأسئلة التي لا أجد لها إجابة، ولا أفشي سرا إذا قلت إنني كل يوم أفقد الأمل في مستقبلي الدراسي”.

اجتياز بلا فائدة
يتفق علي الأحمد (19 عاما) مع زيد في عدم تقبل التعليم الإلكتروني، ويرى أن غياب التواصل المباشر بين الأستاذ والطالب يؤثر كثيرا على استيعاب المادة العلمية؛ إذ يغيب التواصل البصري والوجداني والمناقشات التوضيحية داخل القاعة الدراسية في التعليم الإلكتروني؛ “فهو يقتل المنافسة وروح الحماسة داخلنا”.

ويشير علي -وهو طالب في المرحلة الأولى بكلية الصيدلة- إلى أن أغلب زملائه لم يتقبلوا التعليم عبر الإنترنت لصعوبة فهم المحاضرات، كما أن بعض المواد الدراسية تحتاج إلى مختبرات وإيضاحات معمقة، ويعتقد أن هذا النوع من التعليم يسلب المواد الدراسية قيمتها العلمية، وأن التعليم الإلكتروني قد ينجح مع الدراسات الإنسانية، لكنه لا يناسب الاختصاصات العلمية والطبية.

وينتقد الأحمد هذا النوع من التعليم قائلا إن أوقات النشر غير منظمة، ولم تحدد بوقت، كما أنه يفسح المجال للغش، ولا ينمي قدرات الطلاب في البحث والتقصي عن المعلومة، “التعلم عن بعد يسلبنا الذهنية العلمية”، كما لا يمكن للطلاب الالتزام بوقت محدد لسماع المحاضرة.
اعلان

السلامة أولا
بالنسبة لبعض أولياء الأمور فإن التعليم الإلكتروني “نعمة”، لأنهم يعتقدون أن سلامة أولادهم من المخاطر والأمراض ضرورة قصوى لا تعادلها أكبر الشهادات العلمية. وتبين دعاء قاسم أنه “حتى لو لم تتوقف المدارس والجامعات عن الدوام كنت سأمنع أولادي من الذهاب”.

وتتابع أن “أولياء الأمور الحريصين على أولادهم ومستقبلهم العلمي سيحافظون على سلامة أولادهم ومستواهم العلمي، وهذا الحل أفضل من تأجيل العام الدراسي؛ كونه يشكل عبئا كبيرا على الأسر ذات الدخل المحدود”، و”يجب أن نفكر في غيرنا كما نفكر في أنفسنا”.

لا سيطرة
يقول عبد الأمير عباس (ولي أمر اثنين من طلبة المرحلة الثانوية) إنه حاول قدر الإمكان السيطرة على أولاده، ودفعهم للتعلم عبر منصة الدروس الإلكترونية، ولكن ذلك كان من دون جدوى، ويتابع “لم يتمكن أحدهما من التركيز والمتابعة، في حين تضرر بصر الآخر، الذي يعاني أساسا من مشاكل في إحدى عينيه”.

ويعتقد عباس أن التعليم الإلكتروني وسيلة لاجتياز العام الحالي، ويعتبره إسقاط فرض لا أكثر، كما أن أغلب الطلاب يفتقرون إلى المعلومات التقنية، ولا يمكنهم التركيز على جهاز الحاسوب أو الموبايل، ناهيك عن ضعف شبكة الإنترنت التي تحتاج إلى اشتراك مالي بقيمة كبيرة، بالإضافة إلى الانقطاع غير المنتظم للتيار الكهربائي.

وهذا ما أشار إليه مدرس الكيمياء أيوب حسن قائلا إن الإنترنت ضعيف في العراق عموما؛ وقد يحتاج المدرس إلى تسجيل المحاضرة (فيديو) أولاً، ثم رفعها على موقع يوتيوب.

ويتابع “في حال تقديم الدرس عبر البث المباشر على فيسبوك؛ فهو يحتاج إلى إنترنت فعال مع تحديد وقت يناسب جميع طلبته البالغ عددهم بين ثلاثين وأربعين طالبا، وهو أمر صعب جدا، بل مستحيل.

خطوة فاشلة
يرى حسن أن التعليم الإلكتروني في العراق “خطوة فاشلة”؛ كونه لا يعتمد على مقومات تحقق الفائدة العلمية للطلاب، ولا يساعد المدرسين في تحديد مستوى فهم الطلاب والمعوقات التي تواجههم، بسبب غياب التواصل المباشر داخل الصف، وعدم استخدام العصف الذهني وطرائق التدريس الأخرى، ويتابع “يمكن للتعليم الإلكتروني أن ينجح في دول أخرى تتوفر فيها الخدمات والمعرفة التقنية لدى الأستاذ والطالب”.

ويتهم حسن وزارة التربية والتعليم بالفشل والتخبط في قراراتها؛ كونها لم تضع خططا لمواجهة الظروف الطارئة، بدليل أنها أطلقت المنصات الإلكترونية بعد توقف التعليم شهورا عديدة بسبب المظاهرات، وحتى ظهور فيروس كورونا، منتقدا غياب التنسيق بين الوزارات التعليمية والخدمية لتوفير الوسائل اللازمة.

الحل المتاح
ويبين علاء إبراهيم (عضو هيئة تدريس في كلية التراث بجامعة القادسية) أن التعليم الإلكتروني هو أفضل الخيارات؛ كونه الوسيلة الوحيدة للتواصل مع الطلاب في الوقت الراهن.

وسبق لإبراهيم أن تلقى تدريبا على هذا النوع من التدريس، وحسب تجربته مع طلبته فإن التعليم عن بعد ناجح، ويقول “أقوم بتبسيط المادة وإيضاح الأمور الغامضة، ومن ثم شرحها ووضع أسئلة وأجوبة نموذجية وأنشرها، وأضع دائما ملاحظة في كل محاضرة، وأطلب من كل طالب أن يكتب “تم” في حال فهم الموضوع، وأخصص وقتا كافيا للإجابة عن الأسئلة والاستفسارات.

ويمتاز نظام “جوجل كلاس روم” المجاني (المستخدم من قبل وزارة التعليم العراقية لتدريس الطلاب) بالإحكام، وسهولة الاستخدام، ويمكن من خلاله توجيه الأسئلة والواجبات للطلاب بشكل فردي أو جماعي، كما يتيح للأستاذ إجراء الاختبارات وتسجيل الغياب والحضور، وفقا لإبراهيم. في دول أخرى تتوفر فيها الخدمات والمعرفة التقنية لدى الأستاذ والطالب”.

ويتهم حسن وزارة التربية والتعليم بالفشل والتخبط في قراراتها؛ كونها لم تضع خططا لمواجهة الظروف الطارئة، بدليل أنها أطلقت المنصات الإلكترونية بعد توقف التعليم شهورا عديدة بسبب المظاهرات، وحتى ظهور فيروس كورونا، منتقدا غياب التنسيق بين الوزارات التعليمية والخدمية لتوفير الوسائل اللازمة.

الحل المتاح
ويبين علاء إبراهيم (عضو هيئة تدريس في كلية التراث بجامعة القادسية) أن التعليم الإلكتروني هو أفضل الخيارات؛ كونه الوسيلة الوحيدة للتواصل مع الطلاب في الوقت الراهن.

وسبق لإبراهيم أن تلقى تدريبا على هذا النوع من التدريس، وحسب تجربته مع طلبته فإن التعليم عن بعد ناجح، ويقول “أقوم بتبسيط المادة وإيضاح الأمور الغامضة، ومن ثم شرحها ووضع أسئلة وأجوبة نموذجية وأنشرها، وأضع دائما ملاحظة في كل محاضرة، وأطلب من كل طالب أن يكتب “تم” في حال فهم الموضوع، وأخصص وقتا كافيا للإجابة عن الأسئلة والاستفسارات.

ويمتاز نظام “جوجل كلاس روم” المجاني (المستخدم من قبل وزارة التعليم العراقية لتدريس الطلاب) بالإحكام، وسهولة الاستخدام، ويمكن من خلاله توجيه الأسئلة والواجبات للطلاب بشكل فردي أو جماعي، كما يتيح للأستاذ إجراء الاختبارات وتسجيل الغياب والحضور، وفقا لإبراهيم.

تدخل تشريعي

علاوة على أن التعليم الالكتروني غير واقعي بالإضافة إلى الإشكالات الأخرى فهو مرفوض مسبقاً من قبل وزارة التعليم فهي لا تعترف بالشهادة الممنوحة لمثل هذا النوع من التعليم كما تخلو قوانين وتعليمات وضوابط الوزارة من  أي نص قانوني يجيز لها استخدامه،ولذلك كان يتوجب على الوزارة تشريع نص قانوني يجيز لها التعليم عن بعد ومن ثم الشروع باستخدامه،كما يقول عقيل سرحان عميد كلية القانون السابق في جامعة القادسية.

تأجيل العام الدراسي

ويميل سرحان مع خيار تأجيل العام الدراسي و يعتبره” ضرورة” تستحق التضحية كونها أفضل من تخرج طالب أو اجتياز مرحلة دراسية بمعلومات منقوصة أو بلا معلومات خاصة وان ما بقى من العام الدراسي لا يغطي ولو جزء بسيط من المادة العلمية “في حال تم تأجيل هذا العام قد نواجه مشكلة في السنة الدراسية القادمة ولكن يمكن حلها إذا ما تم الاستعداد لها مبكراً”.

المصدر
الجزيرة نت
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى