“سادات” العسكرية.. أدوار مشبوهة وذراع تركية في 20 دولة
سلط حديث مسؤولين في الجيش الليبي مؤخراً عن شركة سادات التركية وعملها في ليبيا الضوء على تلك الشركة ونشاطاتها.
يقع مقر “سادات” التي تصفها بعض صحف ومواقع أحزاب المعارضة، بميليشات أردوغان أو الحرس الثوري التركي، في البناية رقم 110 بمرمرة ماه بيليكدوز في إسطنبول، وتعمل في مجال خدمات إعادة التنظيم والاستشارة والتدريب والمعدات للقوات المسلحة وإدارات الشرطة الموجودة في بعض البلدان.
تأسست الشركة من قبل 23 ضابطا متقاعدا من مختلف وحدات القوات المسلحة التركية، برئاسة العميد المتقاعد عدنان تانريفردي، وبدأت عملها بعد أن تم الإعلان عنها في الجريدة الرسمية في 28 فبراير من العام 2012.
في حين أكدت مصادر أمنية صومالية سابقة لـ “العربية.نت” أن الشركة التركية تقدم خدمات لوجستية وعسكرية وتدريباً ونقل أسلحة وتدريب مرتزقة، وتجند المرتزقة من بعض الدول الإسلامية والإفريقية وجمهوريات الاتحاد السوفيتي السابقة وبعدها تقوم السلطات التركية بالدفع بهؤلاء المرتزقة لمناطق الصراعات عبر الشركة وباستخدام جوازات سفر مزورة
تدريب قوات غير نظامية
أما المعلومات الرسمية التي أعلنتها الشركة على موقعها الرسمي فتفيد أنها تقوم بتدريب ما سمّته “قوات غير نظامية”، حيث تتولى بالإضافة إلى التدريب العسكري النظامي للقوات البرية والبحرية والجوية للدول الطالبة للخدمة ابتداء من فرد واحد وسلاح واحد حتى أعلى وحدة في الجيش، تدريب “قوات غير نظامية”، على أنشطة الكمائن والإغارة وإغلاق الطرق والتدمير والتخريب وعمليات الإنقاذ والاختطاف وعلى العمليات المضادة لكل ذلك، كما تقدم خدمات التدريب للمشاركين في العمليات النظامية وغير النظامية والخاصة.
كما تشير الشركة إلى أنها توفر كافة أنواع الأسلحة والعربات العسكرية والمعدات وقطع الغيار والمواد المتفجرة للدول المحتاجة لذلك والمتعاونة معها، وتدربهم على طرق تخزينها وتوريدها وصيانتها وإصلاحها، كما تقوم بإعداد وتجهيز الشرطة والخدمات الاستشارية والوساطة لتأمين الاحتياجات من الأسلحة الحديثة والعربات والمعدات والأجهزة من الأسواق العالمية.
ورغم نفي سادات أي تواجد لها في ليبيا إلا أن صحيفة “أحوال تركية” ذكرت أن الاستخبارات الفرنسية، كانت أول من لفت الانتباه إلى أنشطة الشركة في المنطقة، وأنها تقوم بأنشطة التدريب والاستشارات العسكرية في ليبيا منذ العام 2012.
استجواب في البرلمان التركي
وقبل أعوام تقدم النائب عن حزب الشعب الجمهوري التركي نجاتي يلماز، باستجواب في البرلمان طالب فيه رئيس الوزراء آنذاك بن علي يلدرم بالكشف عن أنشطة الشركة وعلاقاتها الدولية، وكان من بين التساؤلات وفق ما كشفت الصحيفة التركية، ما هي الدول التي ترتبط “سادات” بعلاقات معها؟ وهل هناك دول أخرى قامت “سادات” بتدريب عناصرها استخباراتيا وعسكرياً؟ وهل للشركة معسكرات تدريب في دول أخرى؟ ثم هل “ﻟسادات” علاقات بمنظمات إرهابية مثل النُصرة والقاعدة وداعش؟
وأضافت الصحيفة أن ما حدث أن بن علي يلدرم لم يقدم، طوال فترة توليه رئاسة الوزراء، إجابات شافية على أي من هذه الأسئلة، ومع هذا لم تهدأ ثائرة المعارضة وظلوا يتهمون الشركة بتدريب المنظمات المتطرفة خارج تركيا، وتوفير التدريب العسكري لبعض الجماعات المؤيدة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان في معسكرات سرية داخل تركيا.
علاوة على ذلك كشف مستشار الرئيس الأميركي السابق، مايكل روبن، معلومات مهمة عن “سادات”، حيث قال في تصريحات سابقة إن الشركة دربت 3000 مقاتل أجنبي يعملون في سوريا وليبيا حاليا، وإن الحكومة التركية هي التي تقدم الدعم للشركة من أجل تسهيل عملها في تلك الدول، مشيراً إلى أن داعش والنصرة كانتا من بين الجماعات التي تلقت تدريبات عسكرية على يد خبراء تابعين للشركة.
لكن كيف تأسست الشركة؟
يقول ميلي تانري فردي، المدير التنفيذ الحالي للشركة، عبر موقعها على الإنترنت إن الفكرة بدأت من حرب البوسنة والهرسك، مضيفاً أن رئيس البوسنة الأسبق على عزت بيجوفيتش طلب من تركيا تدريب قوات جيش البوسنة ، وألهمت الفكرة مؤسسها عدنان تنري فردي ببحث إنشاء شركة للاستشارات الدفاعية، خاصة أنه يوجد نحو 70 شركة دولية تعمل في هذا المجال.
ويضيف: عندما احتاجت دول مسلمة صديقة إلى موظفين عسكريين خدموا في قوات مسلحة ذات تقاليد عميقة الجذور من أجل تأسيس وتدريب وتجهيز قواتهم العسكرية، أدى ذلك إلى تأسيس ” شركة سادات” لتلبية احتياجاتهم، معترفاً أن تركيا تقدم الخدمة في مجال التدريب والاستشارة والتجهيز في 20 دولة إسلامية .
ووفق ما يؤكده موقع “بيرجون” الأميركي فإن الشركة تتولى تنفيذ “أعمال قذره” لصالح تركيا لا يمكن تكليف الجيش والشرطة التركية بها، فيما تقول
صحيفة “زمان” التركية إن سادات تعد بمثابة قوات الحرس الثوري الخفي لحزب العدالة والتنمية، وتعتبرها المعارضة ميليشيا مسلحة يديرها الحزب الحاكم، منذ تأسيسها
تجنيد شباب من إفريقيا ووسط آسيا وأوروبا
إلى ذلك، أفاد موقع “عثمانلي” التركي المعارض أن “سادات” اتهمت بإدارة عمليات تجنيد الشباب المسلمين في إفريقيا ووسط آسيا وأوروبا، بغرض ضمها إلى الجماعات الإرهابية في سوريا، وكانت الشركة بوابة عبر خلالها المئات من ليبيا وأذربيجان والشيشان وطاجيكستان وكازاخستان في طريقهم إلى شمال سوريا، مضيفا أنه في عام 2015، جرى تحقيق في موسكو بشأن سفر 889 مقاتلًا أجنبيا من روسيا إلى سوريا والعراق، وكشف التحقيق عن أن 25% من هؤلاء لهم صلة بالشركة التركية.
وأضاف الموقع التركي أن عدنان فردي مؤسس الشركة قدم خدمات التدريب لعدد كبير من الإرهابيين في ليبيا، وزار العاصمة الليبية أكثر من مرة، كما عقد اجتماعات كثيرة مع ضباط ليبيين سابقين، وحظي باستقبال دبلوماسي رسمي، من جانب قيادات جماعة الإخوان المسلمين.
تأمين غطاء أمني وسياسي لإرهابيين ليبيين
بدوره ذكر موقع “ديكان” التركي أن الشركة قامت بتأمين غطاء أمني وسياسي لإرهابيين ليبيين، شاركوا في تهريب مقاتلين ومرتزقة إلى سوريا وأوروبا، للقيام بعمليات إرهابية، ويدعم ذلك تقرير لمركز ستوكهولم للحريات لفت إلى دور الشركة التركية المشبوه في عمليات نقل أسلحة وإرهابيين ومرتزقة.
كما أشار إلى أنه عام 2017 أعد فريق أممي تقريرا حول ليبيا ذيل بتوقيع منسق لجنة التحقيق ستيفن سبيتايلز، كشف فيه أن الجماعات الإرهابية مثل أنصار الشريعة بنغازي وأنصار الشريعة في سرت، تنافست للسيطرة على مصلحة السجل المدني وإدارات الجوازات، الأمر الذي سمح لهم بإصدار جوازات سفر بشكل غير قانوني، مضيفاً أنه وبالتنسيق مع عملاء تابعين لشركة “سادات” تم إصدار جوازات لمقاتلين أجانب، سافروا بعد ذلك إلى الخارج.